إن حياتنا المعاصرة أصبحت تأخذ الناس وتقودهم إلى حيث لا يعرفون ، فالكل يسعى وراء دنياه ، راجياً أن يجد السعادة كلما تقدم فيها أكثر ، فيفاجئ بعد حين أنه يزداد تعباً ولهثاً ، وتتسارع دقات قلبه ، ويزداد جوعه وعطشه ، فتزيد شهواته وتكثر ملذّاته ، وينغمس في النعيم أحياناً فلا يجد المتعة ، وينحرم من النعيم أحياناً فلا يجد الراحة ، ويظل يدور يبحث عن المال والبنين والأراضي والأملاك والذهب والفضة ويسعى نحو الكماليات فيشتري مزرعة علّه يرتاح فيها ، أو يمتلك يختاً أو مركباً فخماً فيبحر به وينطلق بعيداً ، أو يسافر إلى جزيرة نائية ليستمتع بالهدوء والخضرة والبحر ، أو يشتري بأمواله مجموعة من الأملاك أو الفنادق والمنتجعات لكي يشعر بأنه قد حظي بشيء من المتعة والرفاهية التي تجعله يستمتع في تلك الأماكن متى ما أراد وكيفما أراد ، أو قد يشتري طائرة خاصة كي يستمتع بالسفر إلى حيث يشاء وقتما يشاء ، لا يمنعه من ذلك مكاتب سفر أو حجوزات طيران ، فهو كالطائر يطير من مكان لآخر كيفما يشاء ومتى ما شاء ، وقد يدفع الملايين من أجل أن يعيش ساعات معدودة في الفضاء داخل مركبة فضاء ليشعر بانعدام الوزن أو يشعر بانعدام الوقت أو يشعر بأي شيء يرغبه وهو ينظر إلى الأرض من الفضاء أو وهو يرى النجوم والكواكب أقرب مما نشاهدها نحن على الأرض .. كل تلك الأمور وغيرها من كماليات الحياة وزينتها التي لا يصل إليها الجميع بالطبع ولكن قد يحظى بها فئة من البشر ممن سالت الأموال بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وشمائلهم بشكل هائل جعلهم لا يعرفون كيف يصرفون ولا ماذا يفعلون ، المهم أن ينفذوا ما يرغبون بحثاً عن السعادة أو الراحة أو المتعة .. سمّها ما شئت ، المهم أن يحظى بلحظة استمتاع .. تستمتع فيها نفسه وتقرّ بها عينه..